يقول وليم شكسبير : (الإنسان يتغير لسببين حينما يتعلم اكثر مما يريد وحينما يتأذي أكثر مما يستحق).
هذا القول ينطبق تماما على الشخصية السودانية واستمر هذا الحال لسنين عددا مما خلق الكثير من الترامكات التي الغت بظلالها على المشهد السوداني برمته. واصبح يعج بالكثير من المتناقضات التي انتجت تركة ثقيلة لا تصب في مصلحة بناء وطن يسع الجميع تسوده المحبة والالفة والتسامح بين كافة مكوناته الاثنية والقبلية.
الشخصية السودانية بمفهوم عام نجدها تتمتع بصفات حميدة ومحسوسة وملموسة من خلال حراك الاشخاص مع بعضهم البعض دون حواجز أو عوائق تذكر وتجد مثلا على مستوى الاحياء السكنية متلازمة التكافل والتراحم في المنشط والمكره والكل سباق للقيام بدوره على أكمل وجه دون النظر إلى الانتماءات الجهوية أو الاثنية والكل سواسية كأسنان المشط، ولا فرق بين عربى ولا عجمي إلا بالتقوى.
أما واقع السياسة في بلادنا عكس ذلك تماما وهي أس البلاء وهي لعبة غزرة ويغيب فيها الضمير وهو هوية الإنسان وإن ضاع الضمير ضاعت الإنسانية.
ما قادني الى هذه المقدمة هو الحراك الكبير الذي تقوده منصات التواصل الاجتماعي في الشأن السوداني الملئ بالغث والثمين، وخلقت نوعا جديدا في شكل الخطاب السياسي الغير معد أو مبرمج وفق النظريات الاعلامية المتعارف عليها. والكل ينضح بما في انائه، ومن خلال متابعتي للكثير من هذه المنصات والاستماع إلى ارئها المتعددة يكاد يكون معظمها تبحث عن فردوس مفقود وهو كيفية ادارة الدولة السودانية بمفهوم عام. أما شيطان التفاصيل يسوده الهرج والمرج والكثير من المتناقضات. ويتضح من كل ذلك اثار الماضي وما خلفه من حالة توهان لأن الشأن السياسي كان في وادي والشعب السوداني في واد آخر. ذلك لسبب جوهري وهو سياسة اقصاء الاخر وبشتى الطرق التعسفية سواء كان اعتقال أو إغتيال للشخصيات أو ادلجتها في إطار مصالحها الذاتية.
وحتي لا نذهب بعيدا عن منصات الميديا. مع كل ذلك هناك بارقة أمل بدأت تلوح في الافق ولكنها بحاجة الى رعاية خاصة جدا وكأن لسان شاعر هذه القصيدة يخاطب وجدان هؤلاء الذين يتحدثون عبر هذه الوسائط قائلا :
كونك تناضل ماهو عيب
العيب تسُب هذا الوطن
وطنا سقاك واداك حن
خليهو في بالك اذن
وطنا يصارع للنهوض
ويلات لا جن لاشتكن
بلاهي كيفن هان عليك
تترك بلادك للوهن
وإذا قدر للقائمين على أمر الشأن السوداني مد يد العون والمراقبة والمتابعة الجيدة لهذا الحراك واعطائه مشروعية بل وحمايته من (المتنمرين) من عواجيز السياسة واللوبيات التي تجيد الاختراق والحيل لافشال أي مشروع يقود الى بناء وطن تحكمه وتضبطه قوانين وتشريعات تسري على الكل وشعارها لا احد فوق القانون.
فظهور الكثير من الكفاءات الوطنية داخليا وخارجيا في هذه الوسائط ورغبتها للبدء فورا في تقديم عصارة تجاربها لوطنها في جو معافى تسوده روح التسامح والتعاضد لبناء سودان يسع الجميع اذا توفرت الإرادة لذلك ستكون ايام السودان القادمات حبلي بالنمو والتطور والاستقرار والازدهار.
المصدر: التاكا نيوز