بتهمة تقويض النظام الدستوري أوامر بالقبض علي حمدوك وآخرين 

بأمر من الوالي منع لبس الكدمول بالشمالية 

السلطات بنهر النيل تمنع التجمعات وتكثف التفتيش عبر المعابر

محمد عبدالقادريكتب … متاهة حزب الامة ..لو كان الامام حيا!

تحقيق: مستشفى مروي التعليمي..."تهميش حكومي وتحرك شعبي "

الرئيسية مقالات عرض الخبر

عبدالعاطي الإمام يكتب.. امبراطورية ال دقلو كيف بدأت وكيف انتهت ..؟

عبدالعاطي الإمام يكتب.. امبراطورية ال دقلو كيف بدأت وكيف انتهت ..؟

2024/01/29 الساعة 05:01 ص
عبدالعاطي الإمام

ما بنية على باطل فهو باطل مقولة نرددها كثيرا ولكن لا ندرك معناه العميق إلا لحظة حدوث الكوارث والهزات العنيفة التي تقضي على الاخضر واليابس والامثلة  والشواهد كثيرة لذلك. ولكن دعونا نقف عند امبراطورية ال دقلو التي كان لتأسيسها اسباب ومسببات جعلتها تقفذ بالزانة. ومنذ نشأتها كانت مسخ مشوها لا تسنده مثل ولا اعراف ولا تقاليد. وكانت محل انتقاد واستهجان لدى شريحة كبيرة من أهل السودان. 
بداية القصة صدرت أوامر من الرئيس السابق عمر البشير بتكوين قوة قتالية من عرب الشتات أو ما درجة على تسميتها ( بالجنجويد)  ومن ثم اختير لها اسم الدعم  السريع  ظنا منه بأنها ستكون اداءة  لقمع الحركات المسلحة وربما جانبه الصواب في ذلك وكانت هذه المليشيا تحقق الانتصار تلو الانتصار ومع  نشوة هذه الانتصارات كانت تأتيها جرعات معنوية مدحا وثناء لنجاحات هذه القوة والعبارة الشهيرة التي اطلقها الرئيس السابق في حينها بأن قراره بتكوين هذه القوة هو بمثابة افضل قرار اصدره طوال الثلاثين عاما من حكمه.  وسخر لها كل امكانيات الدولة وكادت أن تنطفي شرارة التمرد وتذهب الي الزوال .  وفي خضم هذه المعارك ظهر حميدتي فجأة ودون سابق انذار وكان بمثابة جندي مجهول  لا احد يعلم عنه شيئا. وفي فترة وجيزة نال ارفع الرتب العسكرية التي لا تتناسب مع سنه ولا مستواه التعليمي. ولا نال التدريب والاعدادة الكافي الذي يتطلب سنين عددا حتي يصل إلى هذه الرتب العسكرية الرفيعة. وتحقق له المثل الشعبي القائل (قام من نومو ولقى كومو). وهنا كان للحادبين على أمن وسلامة الوطن اتجاه هذه المليشيا رأي آخر ووصفوا هذه التجاوزات الغير منطقية  بالقنبلة الموقوتة.  وتزامن كل ذلك مع الكثير من التجاذبات السياسية التي القت بظلالها على مالات الاوضاع السياسية بالبلاد. 
ونتج عن ذلك المنافسة الشرسة في خطب ود قائد هذه المليشيا التي ارعبت اهل دارفور قاطبة وكانت بمثابة الجحيم الذي لا يطاق ومن هنا بدات فصول الحكاية وتضخم حجم قائد المليشيا وبدأ هو الاخر يلعب ادوار اكبر من حجمه حتي حصل على مبتغاه وبأوامر عليا دخلت قواته العاصمة الخرطوم بحجة قمع المظاهرات وحسم الفوضي وحماية الرئيس من أعدائه المعارضين ترشحه في العام ٢٠٢٠م. وايضا مرة أخرى  تعالت أصوات الرافضين لهذه الميليشيا واعترضوا على دخولها العاصمة الخرطوم بحجة ان ولائها لقائدها وليس لها عقيدة قتالية أو مرجعية قانونية تضبط افعالها التي كانت تمارسها في دارفور . ولا احد من المسؤولين يعير هذه الاصوات اهتماما وانطبق على هؤلاء بيت القصيد : ( لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها اضاءت... ولكن أنت تنفخ في رماد) .
ومن هنا ظهرت هذه الادوار جليا حينما بدا الدعم السريع في إنشاء شركة خاصة وسميت شركة (الجنيد)  وكانت لا تمتلك حتي  رأس مال يؤهلها لولوج العمل التجاري. وكان شقيق حميدتي  يخطب ود الرأسمالية أو ما عرف حينها بالقطط السمان. وهو في بحثه الدؤوب عن الثراء السريع ظهرت مشكلة جبل عامر وما ادراك ما جبل عامر مع أبناء عمومته المحاميد بقيادة موسي هلال وهنا كانت القفزة النوعية حينما احتدم الخلاف بين موسى هلال و الدولة ممثلة في المركز واستعصم هلال في ولاية شمال  دارفور وقام بتكوين مليشيا تتبع له وعندما شعر المركز بخطورة الأمر اوكلت مهمة حسمه إلى حميدتي وهو  معروف عنه في السابق ولائه لموسى هلال. ولكن بعد تكوين الدعم السريع قلب ظهر المجن على ولي نعمته واصبح يكن له عداء  سافر. ولم يستغرق الامر طويلا  فهجم الدعم السريع بقيادة حميدتي على موسى هلال في عقر داره بمنطقة ( مستريحة)  شمال  دارفور وكانت معقلا لزعيم المحاميد وتمركز قواته.وقضي على هذه القوات وادخل زعيمها السجن وبعدها توجه الى استثمارات ...  موسى هلال .. في جبل عامر وايضا استلمها بالكامل .ومن هنا بدأت تظهر شخصية الرجل وطبيعة تكوينها وهي ميالة الى عض اليد التي مدت إليها في يوما من الأيام.
وبدأ الدعم السريع في توسع انشطته التجارية وأصبح ياتيه المال من كل حدب وصوب. وتكالب عليه الطفيليين من كل فج عميق ليكون حديقة خلفية  لتنفيذ صفقاتهم ومخططاهم. وفي وخضم هذا التوسع الإقتصادي ايضا جاءته فرصة اخرى لا تقل عن سابقتها وهي نشوب  حرب الخليج وتم الاتفاق مع حكومة السودان بإبتعاث جنود من القوات المسلحة لحماية حدود السعودية والقتال إلى جانب قوات التحالف في اليمن وخصص لقوات الدعم السريع نسبة مقدرة من هذه القوات بمقابل مادي كبير .مما اتاح ايضا لقائد المليشيا انفتاحه خارجيا من خلال دول الخليج إلى العالم الخارجي وهو يجوب عواصم هذه البلاد ويقابل رؤسائها وملوكها.واصبح شخصية اعتبارية سودانية يحق لها التحدث وانخاذ القرار وابرام الصفقات التي تخص الدعم السريع دون الرجوع لاحد. ومن عجائب الصدف.. وابن المحظوظة حميدتي والذي تتدحرج له  كورة الثلج بما تشتهيه نفسه .. تدهور حال البلاد اقتصاديا وسياسيا وخرج الشعب في كل ارجائه طلبا للتغيير والخروج بالبلاد الى بر الأمان. ( و يا ليته ما خرج) وبدأت الأمور تتعقد أكثر فأكثر حتي اطيح بنظام الإنقاذ في العام ٢٠١٩م . وكان لحميدتي القدح المعلى في ذلك عندما اختار الوقوف الى جانب الشعب...على حد زعمه... وتخليه عن الرئيس عمر البشير وقام بتثريب احاديثه الخاصة معه وكان أشهرها افتاء العلماء بقتل ثلث الشعب وغيرها من الأحاديث ظنا منه بأنها ستنال الرضا والقبول من الشعب السوداني وتكون خصما على من صنعه من العدم وراهن عليه وطوع له المستحيل ..!؟..وهنأ ظهرت جليا موهبته التي تتجسد في بيت القصيد : ( اعلمه الرماية كل يوما فلم اشتد ساعده رماني).
 وبعد هذه الاحداث الجسام التي مرت وادخلت البلاد في نفق مظلم. إلا أنها كانت لهذا الرجل  رب ضارة نافعة فبلغ من الثراء الفاحش بين ليلة وضحاها مبلغا وكذلك اصبح الرجل الثاني في الدولة. وبدأ الرجل في ترتيب اوضاعه لقفزة أخري لرسم مستقبله السياسي كما يظن.  واختار لذلك فريقا استشاريا على عجل وبدأ الرجل في مشروعه الخاص متحدثا في المنابر العامة والخاصة  وفي البدء كان الكل ينظر إليه من خلال حديثه بأنه انسان بسيط ويتحدث بلغة بسيطة يفهمها كل أهل السودان. وبدأ ضربة البداية بالإدارات الاهلية في السودان ودعاهم لمؤتمر جامع واهدى لكل زعيم قبيلة عربة بوكس تايوتا. وبعدها بدأ يخاطب كل شرائح المجتمع. واعد إياهم بجلب الديمقراطية ومحاربة الفلول. وقفز ايضا الى ملف السلام وجمع عدد كبير من الحركات المسلحة في عاصمة جنوب السودان وتوج  ذلك باتفاقية سلام جوبا. وبعدها دبت الخلافات بين العسكريين والمدنيين وافضت الي انقلاب العسكريين على المدنيين وتم تعديل الوثيقة الدستورية لتتناسب مع الواقع الجديد. وكان لحميدتي القدح المعلى في ترجيح كفة الانقلاب. وبعد الانقلاب تواصلت المظاهرات واصبحت اكثر عنفا... وتم التوصل بعد مخاض عسير الى اتفاق اطاري اشبه بدس السم في الدسم و أقر دمج الدعم السريع في القوات المسلحة وتكوين جيش قومي واحد، واوكلت هذه المهمة للجنة الأمنية ممثلة في القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع للاتفاق على جدول زمني لدمج هذه القوات.  ونشب خلاف كبير بين قادة القوات المسلحة والدعم السريع في المدة الزمنية  ومعايير اختيار الضباط وضباط الصف للعمل وفق قانون القوات المسلحة. وبدأ السجال وتعالت الاصوات وظهر الخلاف الى العلن وبدأ صب الزيت على النار ووقع ما كان متوقعا حرب ضروس قضت على الاخضر واليابس. 
ولربما وجد اعداء السودان ضالتهم المنشودة وعملت مخابرات العديد من الدول على قلب رجل واحد اتجاه تفكيك السودان الى دويلات ومن ثم تدار ثرواته عبر هذه الدول كما فعلت وتفعل في العديد من اقطار القارة السمراء و هذا المشروع  الذي تم التخطيط له بعناية لعشرات السنين وسمي بالشرق الاوسط الجديد و دفعت فيه هذه الدول بسخاء ملايين الدولارات لعملائها في الداخل والخارج املا في اكتمال مشروعها الاستعماري الجهنمي. وهي تعلم.. اي هذه الدول .. بأن السودان عصي على مثل هكذا مؤامرة. ولها شواهد كثيرة على ذلك إيام الاستعمار وكيف كان نضال رجاله وبسالتهم وتضحياتهم في سبيل نيل استقلال وطنهم. ورغم علمها إلا انها رمت بثقلها لإشعال هذه الحرب املا في الظفر بنهايات بما تشتهيه سفنها. إلا أن حصاد خيباتها لاحت بشائره. وستعلن نتائجه قريبا جدا.
فالشاهد في الأمر بأن جهل حميدتي جعل منه كبش فداء لهذا المشروع والآن بعد كل هذه النجاحات المصنوعة بعنياية خرج من مولدها بدون حمص وقضي على حلمه الذي كان يراوده لحكم السودان وانتهت امبراطورية آل دقلو إلى الابد. وتطاردها اللعنات من كل اطياف الشعب السوداني.

المصدر: التاكا نيوز

الأكثر قراءة