كان لتفشي وباء كورونا تأثيرا كبيرا على قطاع السياحة حول العالم بسبب القيود المفروضة على السفر، وذلك بسبب انخفاض حركة الطلب على السفر بين المسافرين، وانخفض السفر المخطط له حول العالم بنسبة 80-90 ٪.
تم إغلاق العديد من مناطق الجذب السياحي وإيقاف العمل في جميع أنحاء العالم بسبب وباء كورونا 2019-2020، مثل المتاحف والمتنزهات والأماكن الرياضية وغيرها.
وأفادت منظمة السياحة العالمية، بأن جائحة كورونا ستكلف قطاع السياحة العالمي تريليوني دولار من الإيرادات المفقودة في عام 2021، واصفة تعافي القطاع بأنه هش وبطيء.
وفقا لآخر توقعات هيئة السياحة التابعة للأمم المتحدة، خسر قطاع السياحة نفس المبلغ في عام 2020، مما يجعله أحد أكثر القطاعات تضررا من الأزمة الصحية العالمية.
على الرغم من التحسينات التي طرأت في الفترة الأخيرة، حذر التقرير من أن الطلب على السفر قد يتأثر بشكل أكبر بمعدلات التطعيم غير المتكافئة حول العالم ومتغيرات كـوفيد-19 الجديدة التي أدت إلى فرض قيود سفر جديدة في بعض البلدان، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط وتعطل سلاسل التوريد العالمية.
وفقا لأحدث بيانات منظمة السياحة العالمية، من المتوقع أن يظل عدد السياح الدوليين في عام 2021 أقل بنسبة 70 في المائة إلى 75 في المائة من مستويات عام 2019، وهو انخفاض مماثل لعام 2020.
قيود وتعليمات
نتيجة لفيروس كورونا 2019-2020، فرضت العديد من البلدان والمناطق الحجر الصحي المنزلي، وحظر التجول، وغيرها من قيود أخرى على المواطنين أو المسافرين القدمين من المناطق الأكثر تأثرًا.
كما تفرض دول ومناطق أخرى قيودًا عالمية تنطبق على جميع البلدان والأقاليم الأجنبية، وتمنع مواطنيها من السفر إلى الخارج.
إلى جانب انخفاض الرغبة في السفر، كان للقيود تأثيرا اقتصاديا واجتماعيا سلبيا على قطاع السفر في تلك المناطق.
كان التأثير المحتمل على المدى الطويل هو انخفاض السفر التجاري والمؤتمرات الدولية، مع ظهور ما يوازيها على شبكة الإنترنت. وقد أثيرت مخاوف بشأن فعالية هذه قيود لاحتواء انتشار مرض كورونا COVID-19.
أوضاع السياحة في الدول خلال كورونا
أستراليا
اقترحت هيئات السياحة أن التكلفة الاقتصادية الإجمالية للقطاع السياحي ستكون 4.5 مليار دولار أسترالي اعتبارا من 11 شباط 2020، ومن المتوقع أن تنخفض أرباح ومكاسب الكازينو.
وأفادت منطقتان في أستراليا (كايرنز وجولد كوست)، بأنهما قد فقدتا بالفعل أرباحًا تزيد على 600 مليون دولار.
ودعا مجلس السياحة الأسترالية (ATIC) حكومة أستراليا الحصول على الدعم المالي خاصة في ضوء العدد الكبير من الشركات الصغيرة المتضررة بسبب الحجر الصحي.
أغلقت وكالة Flight National Flight Centre لأجل غير مسمى 100 متجرًا في جميع أنحاء أستراليا، بسبب انخفاض الطلب بشكل كبير على السفر خوفا من انتشار الفيروس.
الصين
تضررت السياحة في الصين بشدة بسبب قيود السفر والمخاوف من انتشار العدوى، وشمل ذلك فرض الحظر على كل من المجموعات السياحية المحلية والدولية.
ماليزيا
في 16 آذار 2020، أعلنت وزارة السياحة والفنون والثقافة أن العديد من مناطق الجذب السياحي في ماليزيا ستبقى مغلقة حتى 30 آذار 2020 وتشمل هذه المناطق: مركز المعلومات السياحية، ومعرض الفنون الوطني، ومراكز الحرف اليدوية، ومتحف Lenggong الأثري، والمحفوظات الوطنية الماليزية، والنصب التذكاري، ومراكز ومكتبة ماليزيا الوطنية.
المكسيك
أرسل (المجلس الوطني لأعمال السياحة، CNET) رسالتين في آذار إلى ألفونسو رومو، رئيس الأركان لرئيس المكسيك، موضحًا أهمية السياحة للاقتصاد الوطني مطالبًا الدعم الحكومي لهذا القطاع.
وتوفر السياحة 4 ملايين وظيفة في المكسيك، وأن 93٪ من شركات السياحة لديها عشرة موظفين أو أقل.
كما أجبر انتشار الفيروس إلى إغلاق 4000 فندق (52400 غرفة) و2000 مطعم، بينما خسرت صناعة الطيران 30 مليار دولار مكسيكي (1.3 مليار دولار أمريكي) حتى آذار.
كوريا الجنوبية
أما في كوريا الجنوبية، طلبت الرابطة الكورية لوكلاء السفر دعمًا حكوميًا لتعويض خسائرها الهائلة الناجمة عن عدد كبير من عمليات إلغاء حجوزات السفر بسبب وباء COVID-19.
وأبلغت أكبر وكالات السفر في كوريا الجنوبية وهما Hana Tour وMode Tour، عن 10 مليارات وون من الأضرار الناجمة عن عمليات إلغاء حجوزات السفر.
الإمارات العربية المتحدة
روّجت دبي قبل يناير 2021 لنفسها كوجهة مثالية لقضاء إجازة مع انتشار الأوبئة، حيث أصبحت الوجهة الأولى في العالم للانفتاح على السياحة، ومع ذلك تغير الوضع في غضون أسابيع قليلة، حيث أوقفت دائرة السياحة في دبي تمامًا جميع الأماكن العامة مثل الفنادق والمطاعم التي تقدم عروض ترفيهية حية وأوقفت السلطات جميع العمليات الجراحية غير العاجلة بسبب ارتفاع في عدد مرضى كوفيد-19، ولإيوائهم في المستشفيات.
وانتقد عدد من الدول قرار دبي فتح السياحة أمام المسافرين وألقت باللوم على الإمارة في نشر الفيروس في الخارج.
وضع البلدان النامية
وجاء في التقرير المشترك لأونكتاد ومنظمة السياحة العالمية، إن عدد السياح الوافدين الدوليين انخفض بنحو مليار سائح أو 73 في المائة العام الماضي، بينما كان الانخفاض في الربع الأول من عام 2021 حوالي 88 في المائة.
وقد تحملت البلدان النامية العبء الأكبر من تأثير الجائحة على السياحة، حيث قُدرت نسبة الانخفاض في عدد الوافدين بما يتراوح بين 60 في المائة و80 في المائة.
وتضررت هذه البلدان أيضا من عدم المساواة في اللقاحات. وقالت الوكالتان إن "الطرح غير المتكافئ" للقاحات كوفيد-19 ضاعف الضربة الاقتصادية لقطاع السياحة في هذه الدول، حيث يمكن أن تمثل ما يصل إلى 60 في المائة من خسائر الناتج الإجمالي العالمي.
البلدان الأكثر تضررًا
تأثير جائحة فيروس كورونا على قطاع السياحة لم يكن أقل تدميراً، حيث فقدت العديد من البلدان التي تعتمد بشدة على عائدات السياحة أحد مصادر ثروتها الرئيسية بين عشية وضحاها خلال شهر مارس/آذار الماضي، ولكن ما هي البلدان المرجح أن تكون الأكثر تضرراً بتراجع السياحة؟
وبحسب موقع "Statista"، فإن المكسيك هي الأكثر ضعفاً بين أكبر الاقتصادات في العالم، حيث تعتمد نسبة 15.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على قطاع السفر والسياحة.
وجمعت البوابة الإلكترونية، التي توفر بيانات عن الاقتصاد الرقمي العالمي، قائمة بأسماء البلدان التي من المرجح أن تكون الأكثر تضرراً استناداً إلى بيانات عام 2019 من المجلس العالمي للسفر والسياحة.
وتظهر المكسيك على رأس القائمة، وتليها إسبانيا وإيطاليا عن قرب.
ومن المرجح أن تكون الوجهات الأوروبية، التي لديها أعلى عدد من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا، من بين أكثر المناطق تأثراً بانخفاض السياحة بسبب اعتمادها على الإيرادات من الزوار، والتي ساهمت بنسبة 14.3% في الناتج المحلي الإجمالي لإسبانيا في العام الماضي و13% لإيطاليا، وفقاً للمجلس العالمي للسفر والسياحة.
سيناريوهات متوقعة
يحدد معدّو التقرير ثلاثة سيناريوهات محتملة لقطاع السياحة هذا العام، حيث يعكس أكثرها تشاؤما انخفاضا بنسبة 75 في المائة في عدد الوافدين الدوليين. ويشير هذا السيناريو إلى انخفاض في عائدات السياحة العالمية بما يقرب من 950 مليار دولار، مما قد يتسبب في خسارة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بقيمة 2.4 تريليون دولار.
بينما يعكس السيناريو الثاني انخفاضا بنسبة 63 في المائة في عدد السياح الدوليين الوافدين.
ويأخذ السيناريو الثالث بعين الاعتبار معدلات متفاوتة للسياحة المحلية والإقليمية. ويفترض هذا السيناريو انخفاضا بنسبة 75 في المائة في السياحة في البلدان التي تكون فيها معدلات اللقاحات منخفضة، و37 في المائة في البلدان ذات مستويات تطعيم مرتفعة نسبيا، ولاسيّما البلدان المتقدمة وبعض الاقتصادات الأصغر.
تفاؤل وانتعاش
من المتوقع أن تنتعش السياحة بشكل أسرع في البلدان ذات معدلات التطعيم المرتفعة، مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
ومع ذلك، لن يعود السائحون الوافدون إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023 أو بعد ذلك، بسبب عوائق مثل القيود على السفر، وبطء احتواء الفيروس وانخفاض ثقة المسافر والبيئة الاقتصادية السيئة
المصدر: التاكا نيوز